اخبار الامام عليّ بنقض القوم بيعتهم
فجاءَ عمّار بن ياسر الى ابي الهَيثم وابي ايوب وسهيل بن حنيف وجماعة من المهاجرين والانصار ، وقال : اعلموا ان هؤلاء النفر قد بلغنا عنهم ما هو كذا وكذا من الخلاف والطعن على أمير المؤمنين ، فقاموا وأتوا إليه ، وقالوا : يا أمير المؤمنين انظر في أمرك وعاتب قومك هذا الحيّ من قريش فأنهم قد [ نقضوا بيعتهم لك وخالفوا أمرك ] (3) ، وقد دعونا في السِّرّ الى رفضك ، [ فهداك الله الى مرضاته وأرشدك الى
__________________
(1) أيضاً سقطت من الاصل. انظر بحار الانوار 32 : 19.
(2) يعني المقدم عليهم.
(3) في البحار : نقضوا عهدك وأخلفوا وعدك.
عباده ] (1) ، وذلك لانهم كرهوا الاسوة ، وفقدوا الأثرة ، لما واسيت بينهم وبين الاعاجم ، انكروا واستشاروا عدوّك وعظموه ، واظهروا الطلب في دم عثمان فرقةً للجماعة وتأليفا لاهل الضلالة ، [ فرأيك منهم سديد ، ونحن معك على كل باغ عنيد ] (2).
فخرج ودخل المسجد مرتدياً بطاقٍ ، مؤتزراً ببردٍ قطري ، متقلداً بسيفه ، متنكباً على قوسه ، فصعد المنبر ، وقال :
بعد ان حمد الله عزّوجلّ واثنى عليه ، وصلى على النبيّ 6 « اما بعد ، ايّها الناس ، فإنا نحمد الله ربنا والهنا ووليّنا ووليّ النعم علينا ، الذي اصبحت نعمتهُ علينا ظاهرةً ، وباطنةً امتناناً منه بغير قولٍ منّا ولا قوة لنشكر ام نكفر ، فمن شكر زاده ، ومن كفر عذّبه ، فأفضل النّاس عند الله منزلةً واقربهم من الله وسيلةً اطوعُهُم لامره واعلمهُم بطاعته واتبعهم لسنةِ [ نبيه محمد رسوله ] (3) 9 ، واحياهم لكتابه ليس لأحدٍ عندنا فضلٌ إلا بطاعةِ الله وطاعة رسوله 6.
هذا كتابُ الله بين أظهرنا ، وعهدُ رسول الله 6 وسيرته فينا ، لا يجهل ذلك إلا جاهلٌ معاندٌ عن الحقّ منكر للصدق ، قال الله تعالى : ( يا ايّها الناسُ إنّا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ).
__________________
(1) في البحار : هداك الله لرشدك.
(2) لم ترد هذه العبارة في البحار.
(3) في البحار : لسنة رسوله.
ثم انّه صاح بأعلى صوته : ( [ يا ايّها الذين آمنوا ] (1) أطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فإن تولوا فإنّ الله لا يحبُ الكافرين ).
ثم قال : يا معشر المهاجرين والانصار ، ( أتمنون على الله [ ورسوله ] (2) باسلامكم بل الله يمنّ عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين ). ثمّ قال : انا أبو الحسن ، ( وكان لا يقولوها إلا إذا غضب ) (3). ثمّ قال : إلا ان هذِهِ الدنيا التي اصبحتم تتمنونها وترغبون فيها ، واصبحت تغضبكم وترضيكم ليست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له ، فلا تغرّنكم [ الحيوة الدّنيا ] (4) فقد حذرتموها فاستتموا نعَم الله بالصبر لانفسكم على طاعةِ اللهِ ، والذلّ لحكمهِ جلّ ثناؤه.
فأما هذا الفيء فليسَ لاحدٍ على أحدٍ فيه أثرة وقد فرغ الله من قسمته فهو مال الله ، وانتم عباد الله المسلمون ، وهذا كتابُ الله به أقررنا وله اسلمنا ، وعهد نبينا بين أظهرنا فمن لم يرضَ به فليتول كيف شاء فانّ العامل بطاعةِ اللهِ والحاكم بحكم الله لا وحشة عليه.
ثم انه نزل عن المنبر وصلى ركعتين (5).
__________________
(1) لم ترد في البحار.
(2) سقطت من الاصل.
(3) في البحار : وكان يقولها إذا غضب.
(4) لم ترد في البحار.
(5) بحار الانوار 32 : 19 ، 21.
المراجع
مكتبة كوفان
التصانيف
الآداب كُتب السيرة والتاريخ