بسم الله الرحمن الرحيم
اشتراكات الإخوة
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
عندما يقوم الاخ بتقديم البيعة ومن ضمن ما يبايع عليه هو دفع الاشتراكات المترتّبة عليه حسب النسبة المحددة، فهل تصبح هذه الاشتراكات ديناً عليه في حال تقاعس عن دفعها ويجب عليه سدادها ولو بعد حين، وهل يجوز أن يدفع أقلّ من النسبة المحددة له والمتمثلة في دفع نسبة مئوية من مدخوله؟
السائل: محمّد من لندن
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
عندما يبايع الأخ المسلم قيادة أية جماعة على السمع والطاعة فيما لا معصية فيه، فإنه يوجب على نفسه تنفيذ كلّ ما تأمر به هذه القيادة، ومن ذلك الاشتراك الذي يجب على كلّ عضو أن يدفعه بانتظام لتغذية صندوق الجماعة حتى تستطيع القيام بواجباتها الكثيرة.
إنّ الاشتراك الذي يدفعه الأخ لصندوق الجماعة هو من حيث الأصل الشرعي صدقة تطوّع، وبإمكان أي مسلم غير ملتزم مع الجماعة أن يساهم معها مالياً بما يريد، ومساهمته هذه تعتبر صدقة تطوّع له أجرها إن شاء الله.
لكن الأخ المبايع يلزم نفسه بهذه الصدقة، فهو كمن نذر لله تعالى نذر طاعة أو قربة لله فقد أوجب الفقهاء عليه الوفاء بنذره لقوله تعالى: (.. وليوفوا نذورهم..) الحجّ 29، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه..) أخرجه البخاري. وقد نقل النووي في (روضة الطالبين 3/301) وابن قدامة في (المغني 9/2) وابن رشد في (بداية المجتهد 1/422) إجماع اهل العلم على وجوب الوفاء بهذا النذر. سواء كان نذراً مطلقاً، أو كان معلقاً على نعمة يستجلبها أو نقمة يستدفعها.
والنذر في اصطلاح الفقهاء (إلزام مكلّف مختار نفسه لله تعالى بالقول شيئاً غير لازم عليه بأصل الشرع) الموسوعة الفقهية الكويتية (باب نذر ج 40 ص 136) نقلاً عن (كشاف القناع 6/273) و(الشرح الصغير 2/249) و(مغني المحتاج 4/354) و(الاختيار 4/76) و(البدائع 5/82).
وبحسب هذا التعريف فإنّ الالتزام بدفع الاشتراك يدخل تحت باب النذر، إذ أنّ الأخ يلزم نفسه بقوله لله تعالى أن يدفع مالاً غير لازم عليه بأصل الشرع، وهو مسلم مكلّف مختار، فيجب عليه الوفاء بما ألزم به نفسه، وهذا الوجوب هو إجماع الفقهاء كما قال النووي.
ومقتضى ذلك أنه لا يجوز للأخ أن يدفع أقلّ من النسبة المحددة في نظام الجماعة، وأنه إذا تأخر عن الدفع في ميعاده، فإنه يظلّ ديناً عليه حتى يسدده. ولو أنّ الجماعة رضيت منه بأقلّ مما وجب عليه فإنّ هذا لا يعفيه من الإثم الشرعي لأنه وعد الله تعالى أن يدفع صدقة معينة وتخلّف عن ذلك بغير عذر. وعليه أن يفي بعهده مع الله حتى لو رضيت منه الجماعة بالأقلّ.
المستشار الشيخ فيصل مولوي
بيروت في 3 جمادى الأولى 1425 هـ.
الموافق 21 حزيران 2004
المراجع
odabasham.net
التصانيف
قصص أدب مجتمع