نسبه

حريث بن عناب "بالنون" بن مطر بن سلسلة بن كعب بن عوف بن عنين بن نائل بن أسودان، وهو نبهان بن عمرو بن الغوث بن طيء، شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، وليس بمذكور من الشعراء، لأنه كان بدوياً مقلا غير متصد بالشعر للناس في مدح ولا هجاء، ولا يعدو شعره أمر ما يخصه.

يشبب بحبى بنت الأسود

أخبرني بنسبه وما أذكره من أخباره عمي عن الحزنبل عن عمرو بن أبي عمرو الشيباني، عن أبيه، وتمام الأبيات التي فيها الغناء بعد البيتين الأولين قوله:

يدوم ودي لمن دامـت مـودتـه

 

وأصرف النفس أحيانا فتنصرف

يا ويح كل مـحـب خـلة أبـداً

 

على الخيانة إن الخائن الظـرف

كأنها ريشة في أرض بـلـقـعة

 

من حيثما واجهتها الريح تنصرف

ينسي الخليلين طول النأي بينهمـا

 

وتلتقي طرف شتى فتـأتـلـف

قال أبو عمرو، قال حريث هذه القصيدة في أمرأة يقال لها حبى بنت الأسود من بني بحتر بن عتود، وكان يهواها ويتحدث إليها، ثم خطبها، فوعده أهلها ان يزوجوه ووعدته ألا تجيب إلى تزويج إلا به، فخطبها رجل من بني ثعل وكان موسراً فمالت إليه وتركت حريثاً، وقد خيرت بينهما فاختارت الثعلي، فتزوجها، فطفق حريث يهجو قومها وقوم المتزوج بها من بني بحتر وبني ثعل، فقال يهجو بني ثعل:

بني ثعل أهل الخنا ما حديثـكـم

 

لكم منطق غاو وللناس منطـق

كأنكم معزى قـواصـع جـرة

 

من العي أو طير بخفان ينعـق

ديافية قلف كأن خـطـيبـهـم

 

سراة الضحى في سلحه يتمطق

قال أبو عمرو: ولم يزل حريبث يهجو بني بحتر وبني ثعل من أجل حبى، فبينا هو ذات يوم بخيبر وقد نزل على رجل من قريش وهو جالس بفنائه ينشد الشعر الذي قاله يهجو به بني ثعل وبني بحتر ابني عتود، وبخيبر يومئذ رجل من بني جشم بن أبي حارثة بن جدي بن تدول بن بحتر يقال له أوفى بن حجر بن أسيد بن يحيى بن ثرملة بن ثرغل بن خيثم بن أبي حارثة عند بني أخت له من قريش ، فمر أوفى هذا بحريث بن عناب وهو ينشد شعراً هجا به بني بحتر، فسمعه أوفى ينشد قوله:

وإن أحق الناس طرا إهانة

 

عتود يباريه فرير وثعلب

العتود: التيس الهرم. والفرير: ولد الظبية. ويباريه: يفعل فعله. فدنا نه أوفى وقال: إني رجل أصم لا أكاد أسمع، فتقرب إلي، فقال له: ومن أنت؟ فقال: أنا رجل من قيس، وأنا أهاجي هذا الحي من بني ثعل وبني بحتر، وأحب أن أروي ما قيل فيهم من الهجاء، فأدنوه منه، وكانت معه هراوة وقد اشتمل عليها، فلما تمكن من ابن عتاب جمع يديه بالهراوة ثم ضرب بها أنفه فحطمه، وسقط على وجهه ووثب القرشي على أوفى فأخذه، فوثب بنو أخته فانتزعوه من القرشي، وكاد أن يقع بينهم شر، وأفلت أوفى ودوري ابن عتاب حتى صلح واستوى أنفه، فقال أوفى في ذلك:

لاقى ابن عناب بخيبر ماجـدا

 

يزع اللئام وينصر الأحسابـا

فضربته بهراوتي فتركـتـه

 

كالحلس منعفر الجبين مصابا

قال:ثم لحق أوفى بقومه، فلما كان بعد ذلك بمدة اتهمه رجل من قريش بأنه سرق عبداً له وباعه بخيبر، فلم يزل القريشي يطلبه حتى أخذه وأقام عليه البينة، فحبس في سجن المدينة، وجعلت للقرشي يده، فبعث ابن عناب إلى عشيرته بني نبهان، فأبوا أن يعاونوه، وأقبل عرفاء بني بحتر إلى المدينة يريدون أن يؤدوا صدقات قومهم فيهم حصن وسلامة ابنا معرض، وسعد بن عمرو بن لأم، ومنصور بن الوليد بن حارثة، وجبار بن أنيف، فلقوا القرشي وانتسبوا له، وقالوا: نحن نعطيك العوض من عبدك ونرضيك، ولم يزالوا به حتى قبل وخلى سبيله، فقال حريث يمدحهم ويهجو قومه الأدنين من بني نبهان:

لما رأيت العبد نبهان تـاركـي

 

بلماعه فيها الحوادث تخـطـر

نصرت بمنصور وبابني معرض

 

وسعد وجبار بل الله ينـصـر

وذو العرش أعطاني المودة منهم

 

وثبت ساقي بعدما كدت أعثـر

إذا ركب الناس الطريق رأيتهم

 

لهم خابط أعمى وآخر مبصر

لكل بني عمرو بن غوث رباعه

 

وخيرهم في الشر والخير بحتر

مر بنسوة فضحكن منه فقال شعراً

وقال أبو عمرو: مر ابن عناب بعدما أسن بنسوة من بني قليع وهو يتوكأ على عصاً فضحكن منه، فوقف عليهن وأنشأ يقول:

هزئت نساء بني قلـيع أن رأت

 

خلق القميص على العصا يتركع

وجعلنني هزؤاً ولو يعرفنـنـي

 

لعلمن أني عند ضـيمـي أروع

خبر إغارته على قوم من بني أسد

قال أبو عمرو: وكان حريث بن عناب أغار على قوم من بني أسد فاستاق إبلاً لهم، فطلبه السلطان، فهرب من نواحي المدينة وخيبر إلى جبلين في بلاد طيىء يقال لهما: مرى والشموس حتى غزم عنه قومه ما طلب، ثم عاود وقال في ذلك:

إذا الـدين أودى بـالـفـســاد فـــقـــل لـــه

 

يدعـنـا وركـنـاً مـن مـعـد نــصـــادمـــه

ببـيض خـفـاف مـرهـفـلـــت قـــواطـــع

 

لداود فــيهـــا أثـــره وخـــواتـــمـــه

وزرق كـسـتـهـا ريشـهـا مــضـــرحـــية

 

أثـيت خـوافـي ريشـــهـــا وقـــوادمـــه

إذا ما خرجنا خرت الأكمسجداًلعز علا حيزومه وعلاجمه

 

 

إذا نحن سرنا بين شرق ومغرب

 

تحـرك يقـظـان الـــتـــراب ونـــائمـــه

وتـفـزع مـنـا الإنـس والـجـن كــلـــهـــا

 

ويشـرب مـهـجـور الـمـــياه وعـــائمـــه

ستـمـنـع مـرى والـشـمـوس أخـاهـــمـــا

 

إذا حـكـم الـسـلـطـان حـكـمـاً يضـاجـمــه

يميل فيه. ويروى: يصاحمه، وقال أبو عمرو: يصاحمه: يزاحمه. والأصحم منه مأخوذ.


المراجع

al-hakawati.net

التصانيف

فنون   الفنون   التاريخ