رمضان شهر المحبة
والخير والإنسانية
فراس حج محمد /فلسطين
ferasomar@maktoob.com
رمضان، وما أدراكم ما رمضان!
إنه شهر يجدد العباد العهود
والمواثيق، فلا يجددون العهد مع الله وحسب، بل يجددون العهد مع العباد محبة ومنفعة
وإنسانية، ولنتذكر جميعا: أن أحب عباد الله إلى الله أنفعهم للناس، شهر فيه ما فيه
من معاني السمو الروحي والأخلاقي، إنه شهر غسل الحوبة والأحقاد، إنه شهر الصفاء
والإيمان، شهر التعالي على التوافه والخصام وشهر المحبة والوئام.
شهر تتجدد فيه النفس، فتغتسل مما ران
عليها من ضباب التيه والسعي وراء دنيا فانية، شهر تستقل فيه الأرواح مراكب الهمة
العالية، فليس الشهر شهر الكسل والخمول والنوم والمسلسلات والنكات إنه شهر الطاعات،
شهر تكتمل فيه النفس بملائكيتها، وتصفو بما يستكن فيها من دفقة النور الإلهي، لنرى
الحق والجمال في بدائع الله الكاملة.
رمضان ليس شهرا لمتعة الشراب وفنون
الطعام، إنه شهر الصبر والتقوى والحلم، شهر الله، فكونوا من الزاهدين، شهر إماته
شهوات الأمعاء والمعدة، والإقبال على الله بروح آيات الله، وليس بألفاظ تتلى وتقلب
الصفحات، فإنّ تدبر آية أعظم عند الله من ختمة عابرة، لا تؤثر في قارئها.
إنه رمضان الرحمة والمغفرة والحب
الإنساني الشامل، شهر الفقراء وشهر الأغنياء، شهر المساواة بين الخلق، شهر النظام
والانتظام مع طبيعة الكون الربانية والسنن الإلهية، شهر تذوب فيه الفوارق والكيانات
الزائفة، شهر يخنس فيه الشر، وتشرق الوجوه بالنور، عاكسة صفاء القلوب ونورها
الرباني المهيب.
رمضان شهر الإنسانية ودرة الشهور
واسطة عقد السنة، وأيامه بركة وعطاء موصول، أيام لا ينضب خيرها، شهر الأمان
والاطمئنان والسكون والتفكير بما يصلح الخلق وشؤون العباد، شهر يمتن فيه الرحمن على
عباده بالعتق من النار، فلنعتق النفوس ونحررها من آثامها وشرورها ولتعد لصفاء
فطرتها التي فطرت عليها، فلا تتلوث بالمادة وسقيم الأفكار والغايات.
دمتم ودام الإيمان، وتضاعفت حسناتكم،
وتقبلنا الله وإياكم في الصالحين المتقين، فكل رمضان وأنتم إلى الله أقرب وبمحبته
أوجب، ولنتذكر جميعا أن رمضان فرصة الأوابين ونعيم المتقين وجنة المشتاقين المقبلين
على الله بكل الجوارح، ليكون رضى الله أسمى غايات الإنسان، ليتحقق معنى الإنسانية
بكل أبجدياتها الدينية والدنيوية.