الحمد لله الذى أرسل رسوله هاديا ومبشرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد النبي الإنسان وعلى آله وصحبه ما دار الزمان ، وبعد:
فما أحوج الإنسان أن يتحلى بالقيم الإنسانية والأخلاق الراقية خاصة في هذا الوقت الذى يعج بالفتن والانحطاط الأخلاقي وفقد أهم ما يميز الإنسان عن غيره من الكائنات الأخرى؛ ولقد كان من أهم الشخصيات في تاريخ الإنسانية التي كانت لها دورعظيم في السمو بالإنسان والقيم الإنسانية ورد اعتبار الإنسان لنفسه هو النبي الخاتم محمد – صلى الله عليه وسلم- في أخلاقه ومعاملاته ومنهجه في الحياة، لأنه أفضل خلق الله وأحب خلق الله إلى الله ؛ رغم أنه بشر مثلنا كما قال جل شأنه :{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }[الكهف : 110].
وإذا تتبعنا حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – وجدنا أن هذه القيم كانت سلوكا ونهجا له في حياته وعلمه الناس من حوله.
إنسانية الرسول مع أهله:
كان - صلى الله عليه وسلم - المثل الأعلى مع أهله ، فكان عطوفا ودودا طوال حياته معهم، شعاره :" خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ".أخرجه الترمذي عن السيدة عائشة – رضي الله عنها-.
فقد سألتُ السيدة عائشةَ - رضى الله عنها -  ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنعُ في بيتِه؟ قالت:" كان يكونُ في مهنةِ أهلِه " رواه البخاري
وعنها أيضا ـ قالت كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخيط ثوبه، ويخصف نعله ". رواه أحمد .
مع زوجاته:
كان يعيش بين أزواجه رجلاً ذا قلب وعاطفة ووجدان، حياته كلها مليئة بالحب والحنان والمودة، والرحمة.
فمع زوجته عائشة - رضي الله عنها- يحبها كثيراً، يراها تشرب من الكأس فيشرب من الجهة التي شربت منها ، ويسابقها أحيانا ليعيش معها الحب الزوجي الراقي ، وحين اشتد عليه مرض وفاته طلب من زوجاته أن يذهب لبيتها ليموت ورأسه على صدرها.
وحبه  لعائشة لا يجعله ينسى حبه لزوجاته الأخريات زوجته الأخريات  كالسيدة خديجة – رضي الله عنهما -
فتسأله السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – للسيدة خديجة بعد وفاتها وتقول: ما لك تذكر عجوزاً أبدلك الله خيراً منها (تعني نفسها)؟! فيقول لها: لا والله، ما أبدلني زوجاً خيراً منها.
وأما مع أولاده:
فيلاعبهم ويلاطفهم ، فيحتضن ابنته فاطمة – رضي الله عنها – ويقبها في جبهتها ، ويحمل حفيدته زينب وهو يصلى ، ويصعد عليه أحفاده الحسن والحسين وهو يصلى .
ومع والديه:
لم ينسى والديه قط مع كثرة أعباء الرسالة والمهمة التي كلفه الله بها ، فقد جاء عن أبى هريرة – رضي الله عنه –قال "زار النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قبرَ أُمِّه  فبكى وأبكى مَن حولَه ، فقال : استأذنتُ ربِّي في أن أستغفرَ لها فلم يُؤذَنْ لي ، واستأذنتُه في أن أزورَ قبرَها فأَذِنَ لي ". رواه مسلم.
مع الخدم:
إن طلب منهم طلب برفق، وإن أخطأ الخادم لا يعنف بل يصحح ويوجه، كما قال أنس ـ رضي الله عنه ـ : " خدمت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشر سنين، فما قال لي أف قط، وما قال لشيء صنعتُه لم صنعتَه، ولا لشيء تركته لِم تركته ". رواه: البخاري
إنسانيته مع أقاربه:
كان معهم نعم المعين ونعم القريب، فعندما تأتيه مرضعته حليمة السعدية ـ رضي الله عنهاـ كان يفرش لها رداءه، ويعطيها من الإبل ما يغنيها في السنة الجدباء.
إنسانيته مع أمته:
كان- صلى الله عليه وسلم- أكثر الناس شفقة على خلق الله وأرأفهم بهم و أرحمهم بهم ،فكان ينطلق إلى ما يفزع الناس منه  قبلهم، ويحتمي الناس به، وما يكون أحدٌ أقرب إلى العدو منه .
يشارك أمته الجوع والعطش: كما في حصار شعب أبى طالب، وكان يطلب المشورة من أصحابه،  وما دعاه أحد من أصحابه أو أهل بيته إلا قال لبيك .
إنسانيته مع أعدائه:
كان - صلى الله عليه وسلم - أحلم الناس وأوسعهم صدراً وألينهم عريكة وأدمثهم خلقاً ، فقد كان يكتم غيظه ويعفو ويصفح - مالم تكن حقوقاً لله- ،وقد عفا عمن ظلمه وطرده من وطنه وآذاه وسبه وشتمه وحاربه ،وفقال لهم يوم فتح مكة : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " .
إنسانيته مع الحيوان :
فينهى – صلى الله عليه وسلم – عن عدم الرفق بالحيوان أو إيذائه أو تعذيبه أواتخاذه غرضا أو حبسه وتجويعه ، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "لَعَنَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ". رواه البخاري.
وعن سهل ابن الحنظلية قال: مرَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم –  ببعير قد لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ, فقال: "اتَّقُوا اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ... فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً, وَكُلُوهَا صَالِحَةً". رواه :أبوداود وأحمد.
هذه ملامح من إنسانية النبي – صلى الله عليه وسلم – ومنهجه في حياته ، فلنكن حريصين على أن نتأسى بها وننشرها في مجتمعنا لنسعد في الدارين الدنيا والآخرة.
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم
 

المراجع

essada.net

التصانيف

قصص  أدب  مجتمع   قصة