وردتنا تساؤلات كثيرة عن عملية ( الإحليل التحتي ) ومدى نجاحها وعن كيفية حدوث هذا التشوه .ونحن بدورنا توجهنا بأسئلتنا إلى الدكتور جان عبد لله آشجي ألاختصاصي بالجراحة البولية والتناسلية ومعالجة العقم ، وكان لنا معه اللقاء التالي :
س – بداية دكتور .. ما المقصود بـ ( الإحليل التحتي )؟
ج – (الإحليل التحتي ) تسمية شاع استخدامها بين عامة الناس ، وحالياً تم اعتماد تسمية ( المبال التحتاني)
Hypospdias وذلك استناداً إلى المعجم الطبي الموحد طبعة 1983 ، وهو بالتعريف توضع صماخ البول الظاهر على الوجه البطني للقضيب ( أي أن فتحة التبول لا تقع على قمة القضيب) ، أما إذا كان موقع الصماخ على الوجه الظهري للقضيب فنسمي الحالة عندئذ ( المبال الفوقاني )
Epispadias.
س : وما هي نسبة شيوع هذه الحالة بين المواليد الذكور ؟
ج - النسبة على وجه التقريب حالة واحدة من بين كل / /300 مولود ذكر حي . ويذكر أن البيض أكثر إصابة بهذا التشوه من السود.
س – هل يمكن اعتبار المبال التحتاني مشكلة وراثية ؟
ج – على الرغم من أن معظم المرضى لا يذكرون وجود قصة عائلية فإنه يمكن القول إن هناك عامل وراثي في بعض الحالات – بينت إحدى الدراسات أن احتمال وجود المبال التحتاني عند والد الطفل المصاب هو % 14، % 7 لأخيه ، ويتوقع حدوث الإصابة عند الأخ التالي في %12 من الحالات . كما وجد في %19 من الحالات إصابة العم أو الخال أو أبناء الخال أو أبناء الأعمام ، ويزداد الاحتمال إلى %26 عندما يكون الوالد مصاباً كذلك.
س – وما هو الموقع الأشيع لتوضع الصماخ في المبال التحتاني؟
ج – يعتبر الموقع القاصي ( البعيد ) هو الأكثر شيوعاً حيث يشكل حوالي %80 من مجموع الحالات ؛ حيث يكون في المنطقة الحشفية أو تحت الإكليل ، و % 15-10 من الحالات تحدث على طول جسم القضيب ، أما الحالات الشديدة التي يتوضع فيها الصماخ في الوصل القضيب الصفني أو في العجان فلا تشكل أكثر من % 10 من الحالات . وإذا ما توخينا الدقة في التصنيف فسنجد المواقع التالية :
الحشفي – الإكليلي – القضيبي ( بأنواعه الثلاثة القاصي والمتوسط والداني ) الصفني – العجاني .
س – نرجو منكم (دكتور) شرح كيفية حدوث هذا التشوه؟
ج – باختصار يبدأ تمايز الأعضاء الجنينية الظاهرة في الأسبوع الثاني من الحمل ويكتمل في الأسبوع الخامس .وعند الجنين الذكر تمتد فوهة الجيب البولي التناسلي على الوجه البطني للحدثية التناسلية على شكل ثلم إحليلي وتحاط الفوهة البولية التناسلية البدئية والثلم الإحليلي بكل جانب بالطية الإحليلية ، وفي الأسبوع العاشر تبدأ الطيتان الإحليليتان بالإلتحام على الخط الناصف ابتداء من فتحة الجيب البولي التناسلي باتجاه ذروة القضيب وينتج عنه تشكل الإحليل القضيبي ، وخلال الشهر الثالث تبدأ طية جلدية بالنمو عند قاعدة الحشفة وتحيط خلال شهرين بكامل الحشفة وتتشكل القلفة.
ما يحدث في حال المبال التحتاني هو أن القطعة البطنية ناقصة التكون ولا يكون الصماخ في ذروة القضيب ويأخذ جلد القلفة شكلاً هلالياً على الوجه الظهري للقضيب ، وهذا ما يفسر التسمية الشائعة ( الطهور القمري ) أي أن الجلد الذي يختن عادة عند الذكر السليم غير مكتمل في هذه الحالة.
س – هل يعني ذلك أن كل الأطفال الذين لديهم الشكل الهلالي السابق وصفه للقلفة لديهم مبال تحتاني ؟
ج – لا ، فبعض الأطفال يولدون بصماخ طبيعي مع قلفة غير مكتملة .وقد نجد في هذه الحالات تضيق الإحليل أو التسمك الليفي الشاذ على الوجه البطني للقضيب.
س – وهل يحتاج المواليد الذكور ذوي المبال التحتاني إلى إجراء الاستشارة الطبية ؟
ج – قد نشاهد الخصى غير النازلة والفتوق الإربية مترافقة مع هذه الحالة . عند اختفاء لخصيتين أو وجود الأعضاء التناسلية الملتبسة ( المبهمة ) قد نتوجه إلى مشكلة الخنوثة الحقيقية أو الكذابة . قد نشاهد حالات من عدم انثقاب الشرج أو القيلة النخاعية السحائية ، مما يستلزم استقصاء كامل الجهاز البولي لاحتمال حدوث التشوهات فيه. ويجب التأكيد على أنه لا يجوز أجراء أختان مهما كانت شدة الإصابة قبل إجراء الاستشارة من الناحية البولية خشية فقدان الجلد الذي قد يسهم في إصلاح النقص جراحياً.
س – ما هي الاضطرابات التي يمكن أن يشعر بها من يعاني من وجود المبال التحتاني ؟
ج قد لا يشكو حديثو الولادة والأطفال الصغار من أعراض ، لكن الأطفال الأكبر سناً والبالغين قد يشكون من صعوبة في توجيه دفق البول بالإضافة إلى تناثر البول ( أي رشق التيار بشكل رذاذ ) ، أما التقوس الموجود في بعض الحالات
( chordee ) فقد يعيق عملية الجماع . قد تشاهد في بعض الحالات فتحة قد تكون ضيقة تتطلب التوسيع .وعن وجود النبال التحتاني العجاني أو القضيبي الصنفي فإن المصاب يضطر للتبول بوضعية الجلوس ،ولا يفوتنا أن نذكر فإن المبال التحتاني قد يسبب العقم.
س – ما هو العمر المثالي لإصلاح المبال التحتاني ، دكتور ؟
ج – بما أن الخطورة التخديرية على الطفل تقل بعد عمر / /3 شهور فإنه يمكن إجراء العمل الجراحي بعد هذا العمر ، ويعتبر العمر ما بين ( ( 18-6 شهراً مناسباً لإجراء الإصلاح . من حيث المبدأ لا يجوز تجاهل الحالة النفسية للطفل قبل إدراكه للفرق بين الجنسين ، وبما أن تقنيات العمل الجراحي تختلف من حالة إلى أخرى وبعض العمليات تتطلب إجراء عدة مراحل فيجب إصلاح التشوه قبل سن دخول المدرسة.
س – هل يمكن التداخل على قضيب صغير الحجم مع مبال تحتاني شديد الدرجة ؟
ج – نعم ، فهناك حالات معينة يمكن فيها استخدام هرمون التستوسترون ( أي الحاثة الذكرية ) الذي يساعد على تكبير الحجم ، وبالتالي الحصول على ساحة عمل جراحي أكبر وأوضح ،علماً أنه يتم استعمال المكبرة العينية أحياناً من قبل الجراح لتحسين الرؤية.
س – هل يحتاج الطفل للنوم في المشفى بعد إجراء الإصلاح الجراحي ؟
ج – في الحقيقة يمكن اعتبار أغلب الحالات لا تحتاج للاستشفاء ، أي أنه يمكن تخريج الطفل بعد صحوه من التخدير ، وذلك للتقليل ما أمكن من التعرض للإنتانات التي يمكن اكتسابها في المشافي، أضف إلى ذلك الجدوى الاقتصادية من اعتبار هذه الحالة على أنها مريض خارجي ، ناهيك عن مراعاة الحالة النفسية لكل من الطفل وذويه، إلا أن بعض العمليات الكبيرة تتطلب الاستشفاء لعدة أيام ، ويعود تقدير ذلك للطبيب نفسه.
س – ولكن في بعض الأحيان نسمع عن فشل الإجراء الجراحي ، أو وجود عدة محاولات للإصلاح . ما قولكم في ذلك ؟
ج – لا يجوز في الواقع تجاهل حقيقة أن هذا النوع من العمليات يشكل تحدياً حقيقياً وخاصة بوجود نسيج ندبي جراء تداخل سابق أو نقص مساحة الجدل الذي يفترض استخدامه في ترميم المساحات الناقصة كرقعة . في السابق كانت تؤخذ طعوم جلدية حرة، أما اليوم فيفضل تصنيع الإحليل من المخاطية الفموية أو مخاطية المثانة.
س – ما هي الاختلاطات المتوقعة في هذا النوع من العمليات ؟
ج – في بعض الأحيان هناك نتائج غير مرغوبة كالالتصاقات ، تشكيل النواسير الإحليلية الجلدية ، تضيق الإحليل وخاصة في القسم الداني ( القريب ) للمفاغرة ، تضيق صماخ البول الظاهر ( فتحة التبول) ، رتوج الإحليل ، الجلد الزائد ،التسمكات الليفية ، بقاء التقوس وأحيانا نمو الأشعار داخل لمعة الإحليل بسبب استخدام شريحة مشعرة.
س – إذا لا بد من وجود عوامل مهمة تساعد على نجاح هذا النوع من العمليات . أليس كذلك دكتور ؟
ج – بالتأكيد . باختصار لا بد من أن نحصل على شريحة نسيجية ذات نوعية جيدة مع إجراء الترقيع دون شد مع مراعاة التعامل مع الطعم بلطف ومراعاة استخدام النوع المناسب من الخيوط الجراحية وطريقة الخياطة الدقيقة، مع إجراء التحويل البولي إن لزم الأمر.
س- وهل يعتبر التحويل البولي مطلوباً في كل عمليات إصلاح المبال التحتاني ؟
ج – تتطلب بعض العمليات هذا الإجراء وذلك لتقليل خطر تشكيل النواسير الجلدية ، وهو موضوع مختلف عليه ولكن لا شك في أنه يقلل من الاختلاطات ، ويمكن اعتبار القثطرة أحد أنواع التحويل البولي الذي يساعد على نظافة ساحة العمل الجراحي.
س- هل توجد طريقة مفضلة لإجراء هذه العملية ؟
ج – لا يمكن القول أن هناك طريقة جيدة وأخرى سيئة فلكل حالة الطريقة الأنسب . لقد تم وصف أكثر من مئتين طريقة ، ويعود قرار الاختيار لخبرة الجراح الشخصية.
كلمة أخيرة ( دكتور ) ...
د – آشجي : عن الهدف الأساسي من الإصلاح الجراحي في هذا التشوه هو تقريب صماخ البول إلى مكانه الطبيعي قدر الإمكان بغية تحقيق الرشق الطبيعي لتيار البول باتجاه الأمام وإيصال السائل المنوي إلى قبو المهبل أثناء القذف.
للأسف ، كثيرا ما رأينا إن إجراء الختان لهؤلاء الأطفال بفقدهم فرصة حقيقية للاستفادة من جلد القلفة .وأؤكد للأهالي أن إجراء الجراحة هو ( سهل ممتنع) ، ويمكن الإقلال من الاختلاطات باستخدام النظافة الموضعية واستخدام الصادات المناسبة والمراقبة اللصيقة ، ونذكر أن الإصلاح قبل البلوغ يقلل من إمكانية تعزر القطب التالي للانتصاب الذي يحدث بشكل لا إرادي أثناء النوم.
الدكتور عبد الله آشجي
المراجع
مجلة طرطوس
التصانيف
صحة العلوم التطبيقية